amir
عدد الرسائل : 282 العمر : 35 الموقع : http://www.shbab1.com/2minutes.htm تاريخ التسجيل : 06/01/2009
| موضوع: الرقص بين الرصاص الثلاثاء يناير 20, 2009 9:43 pm | |
|
في تلك الزاوية في الغرفة الدائرية جلست ذات مساء
متأملاً من شباك على زاوية اخرى في المنزل بلدة بعيدة
بلدة يكاد الظلام الدامس يبتلعها، تضيء فيها بين الفينة والاخرى قناديل، لو شبهتها لشبهتها بقدحة في قداحة انتهى وقودها ...
اشاهدها من بعيد، وكان اعيني تملك اداة تقريب للصورة ...
ارى فيها الكثير، اقول لك يا ايها الواقف بين كلماتي، ارعبني مشهدها .، ودمرتني فضوليتي
لممت حقيبة بلمح البصر، وضعت فيها بعض اغراضي ...
وهنا يا عزيزي قررت ان ادع فضوليتي تشبع !!
وبدات مسيرتي نحو تلك البلدة، طريق طويل شاق، لا ترى فيه الا الدماء والاوجاع
كنت احسب كل خطوة اخطوها، وفي كل خطوة كنت ارى القناديل تكبر شيئا فشيئا ...
بقيت اسير واسير واسير، الطريق كان طويلاً .. شاقاً .. مرعباً
حتى اني شككت ان اتمكن ان اخبرك ذات يوم ما سأراه ...
وفي احدى الخطوات بدأت اسمع صوتا، انه كدق طبول .. مع كل دقة كان يشتعل قنديل
بدأت تظهر لي معالم تلك البلدة ... لا بد ان فيها احتفال ما ...
ما اثار دهشتي بعد ان اقتربت من الوصول هو تجمع لبعض الاشخاص على مشارف البلدة وعلى تلة كانت على مقربة منها
كانوا ينظرون كلهم الى الجهة المقابلة للبلدة، ولا يجرؤ احد منهم النظر اليها .. كما لو انهم يشاهدون فيلماً سينيمائيا في الجهة المقابلة
وبعد ان سلمت عليهم، سألتهم ماذا في تلك البلدة ؟؟!!
قالوا لي انهم اشخاص يحبون ان يرقصوا ... والرقص عندهم حياة، وحياتهم الرقص !!
قلت لهم ولماذا لا تشاركوهم رقصهم، فاجابني احدهم بثقة: عندنا مشاورات أهم من ذلك بكثير، لكننا سنقيّم رقصهم عندما ينتهون منها!!
دعوني للجلوس والتشاور معهم، الا ان فضوليتي لم تكن قد أشبعت بعد، اردت ان ارى ذلك الرقص ...
في بداية الأمر منعوني من الذهاب الى هناك، ولكني اكملت مسيرتي رغماً عنهم ...
اكملت الطريق مستغرباً هذه الحادثة ...
وقد وصلت الى البلدة وصوت الطبول يقرع بصوت شديد، والقناديل صارت هائلة الحجم تضيء في كل مكان في البلدة ...
واذا بعجوز جالسة على اعتاب منزل شبه فارغ، تاركةً بابه مفتوحاً على مصرعيه !!
كان الظلام دامسا داخل المنزل، وخارجه كذلك، بالكاد تمكنت من رؤيتها ...
سالتها كاساً من الماء، فاعطتني الماء قائلةً: أرايت في طريقك جمعاً ينظر الينا ؟
قلت لها اني شاهدت ذلك الجمع على اعتاب البلدة ...
فسالتني بما سيفعلوه ؟ قلت لها هم لا يريدون الرقص وسيقيموكم بعد ان تنتهوا !!
ضحكت العجوز كثيراً .. احسست في ضحكتها خبرة في هذه الحياة لم تسبقها خبرة .. وسخرية من زمنٍ خانها !
سالتها، فقالت لي: اذهب الى داخل البلدة وسترى ما لم تره في حياتك ...
اذهب وعد للجمع خارج القرية واسئلهم مجدداً ...
وهذا ما كان، دخلت القرية، واذا باشخاص يركضون يميناً ويساراً، يحملون اشلاءَ بشر، ومليئين بالدماء
صدمت لهول المشهد، صدمت لدرجة اني بقيت واقفاً لوقت طويل دون حراك او رد فعل !!
استيقظت بعدها، وبدأت الحقائق تتجلى، فما تلك القناديل الا قنابل تنفجر وفي كل انفجار تخترق كل انسانية كنت اتصورها
وما تلك الطبول الا اصوات القنابل عندما تنفجر ... يا له من رقص غريب بين الرصاص ذلك الركض والحياة التي يعيشها اهل البلدة
رايت يا واقفاً بين الكلمات اطفالاً احترفوا القفز فوق الصواريخ والرصاص، كانهم يتراقصون به متجنبينه ...
رايت يا صاحب الضمير كثيرين يشاهدون من خارج البلدة محاولين تصور ما يحدث كامر رومانسي جميل يحسدون من في البلدة عليه ...
رايت يا صاحب الانسانية غزة في حصار وألم وقصف وأهوال لم اكن اتخيلها رغم اني فلسطيني !!
رأيت الموت يلعب لعباً في كل انفجار، ورايت الألم والهوانه بمجرد دخولي تلك البلدة ...
رأيت طفلاً لم يبلغ السابعة من عمره يلم اشلاء اخوته ...
رايت بيوتاً مهدومة على رؤوس اصحابها، رايت الاهوال والاهوال
شككت كثيراً ان كان سيسمح لورقتي هذه ان تطير لك يا صديقي من داخل البلدة ...
فهناك نسور تتربص لاي "تشتيت" لرأيك تمنع اي ورقة كهذه بالخروج من هناك !!
فيا واقفاً بين الكلمات، استبقى تجلس في زاوية بيتك الدائري ؟
ام أنك ستذهب لترى تلك البلدة وما فيها لترضي ضميرك ؟؟
وتخبر بذلك قصتك واحداثها لكل من لا يزال يجلس في زاويته منطويا على ما يتصوره
ولكم يا معشر المتفرجين والعارفين على ابواب غزة، ويا حكامنا العرب، استيقظوا فهذا ليس رقص بين الرصاص
هذا تدمير لشعب كامل احترف الشهادة والنضال ... فان لم تدخلوا لتمدوا يدكم، فسموا الامور بمسمياتها ...
وفي الختام السلام على من بقي فيه بقايا ضمير .... من فلسطين- العاشق الذي فقد عشيقته في احدي غارات الاحتلال - احلى أمير
| |
|